السبت، 4 مايو 2013

شطحات دان براون في شفرة دافنشي


شطحات دان براون في شفرة دافنشي  ِ

بقلم عمانوئيل يونان الريكاني /العراق/استراليا

"شفرة دافنشي" رواية للاديب الامريكي دان براون نشرت سنة 2003 ترجمت الى عشرات اللغات وطبع منها ملايين النسخ أحدثت ضجة عالمية وأثارت الجدل بين الناس ففيها فتح المؤلف النار على المسيحية عموما والكنيسة الكاثوليكية خصوصا محاولا دك ثوابتها التاريخية وقصف حصونها العقائدية واللاهوتية مقدما افكار لا سمعت بها اذن ولا خطرت على بال بشر.وكانت الاناجيل الغنوصية التي اكتشفت في مخطوطات البحر الميت ونجع حمادي مصدر ألهام له لتشييد عمارة افكاره ونظرياته والمنبع الذي أستقى منه قناعاته وفرضياته. ويمكن اختزال افكاره الى ان المسيح كان متزوج من مريم المجدلية وأن له نسل ملكي باق الى اليوم وأن الكنيسة ولأسباب سياسية وكي تكون هي المرجعية في كل شوؤن الحياة ألهت المسيح بينما كان في القرون الاولى من المسيحية مجرد نبي عظيم وقائد فذ.

وفي القرن الرابع وبالأتفاق مع قسطنطين الوثني تم حرق كل الأناجيل القديمة والابقاء على الاناجيل الأربعة الموجودة حاليا وعندما قويت شوكة المسيحية في الامبراطورية الرومانية وتفاديا للأصطدام مع الوثنية أستطاع بذكاء خارق وتكتيك منه ان يدمج الديانتين كي يوجد ديانة هجينة هي مزيج من الوثنية والمسيحية الصاعدة وما عيد الميلاد الذي يقع في 25 ديسمبر والذي كان عيد الشمس الوثني سوى دليل دامغ على هذا واستطاعت الكنيسة ان تلغي عبادة الأنثى التي كانت جوهرية في الوثنية وحولت المجتمع الى ذكوري. هذه عصارة أفكاره سنحاول طرح الخطوط الرئيسية للرواية والرد المحكم عليها مع تفاد التفاصيل الصغيرة التي تحتاج مجلدات وليس مقال بهذا الحجم.

شفرة دافنشي في سطور

رواية من القطع المتوسط تقارب 500 صفحة لا يمكن حصرها في سطور لكن بقدر الامكان سنحاول رسم ملامحها العامة دون ان تفقد بريقها.

تبداالرواية ب "جاك سونيير" مدير متحف اللوفر التي تم قتله بأطلاق رصاصة أخترقت معدته وقبل مماته ب 15 دقيقة نقل السر الذي هو محرك الاحداث ومفتاح القضية فقد ترك رسالة غامضة ونجمة خماسية الزوايا على بطنه بدمه وقد وجد عاريا متخذ وضع احدى لوحات دافنشي الشهيرة وهي الرجل الفيتروفي. ويقوم ابطال الرواية روبرت لانغدون وصوفي اللذان يحققان في مقتله بناء على طلب المحقق بيزوفاش في اثناء ذلك يلتقيان بخبير يدعى السيد تيبينغ الذي يكشف لهما السر المخفي على الجميع وهوأن المسيح متزوج من المجدلية وله احفاد وان هناك جمعية سرية أسمها منظمة سيون تأسست سنة1099 منوطة بها مهمة الحفاظ على هذه الحقائق حتى حلول الوقت المناسب للكشف عنها والبوح بها وان ليوناردو دافنشي كان من الأعضاء البارزين فيها وكذلك نيوتن وفيكتورهيجو وغيرهم وأنه  استطاع بعبقريته ان يعبر من خلال لوحاته المشهورة مثل "موناليزا"و"العشاء الأخير" والذي يتسم طابعها بالفن المسيحي عن افكار هذه الجمعية على شكل رموز أي يضمر عكس ما يظهر ويوجد بالمقابل منظمة كاثوليكية تدعى اوبوس داي تعمل جادة على طمس هذه الحقائق وملاحقة اتباعها والقضاء عليهم قبل أفشاء السر الخطير ومعرفة خدعة الكنيسة الكبرى وتنتهي الرواية بالكشف عن ان صوفي وأخيها هما الحفيدان الوحيدان المتبقيان على قيد الحياة من نسل المسيح.

الرد الصاعق:

1_ يدعى بانه لحماية نسل مريم المجدلية ذهبت الى فرنسا هناك تزاوج نسلها مع ملوك الفرنك وأوجدا سلالة الملوك المرفنجيين.

أن مريم المجدلية عاشت حياة مقدسة وذهبت الى أفسس مع العذراء مريم والقديس يوحنا الحبيب وماتت هناك ودفنت وتم نقل رفاتها الى القسطنطينية عام 866م وليس الى فرنسا.

ان مصادر رواية شفرة دافنشي والتي بنى عليها نظريته اصحابها اعتبروها مجرد تخمينات وفرضيات لا يمكن أن ترتقى الى الحقيقة وهي "الدم المقدس الكاس المقدسة"1982 مؤلفيها ميشيل بيجنت وريتشارد لي وهنري لنكولن  و"فرسان الهيكل"1997 و"المرأة وقارورة الالاباستر" 1993 و "الآلهة الانثى في الاناجيل "1998  بين كل هذه الروايات قاسم مشترك واحد وهي زواج المسيح من المجدلية.

2_ان مريم ليست من سبط بنيامين بل من منطقة المجدل ناهيك من عدم انتمائها الى نسب ملكي.

3_يزعم الكاتب ان زواج يسوع من مريم المجدلية هو تحالف سياسي اكثر من اي شيء اخر بأعتبار يسوع من عائلة داود ومريم المجدلية من رموز سبط بنيامين وفي هذه المصاهرة يتمكن من لم شمل اسرائيل هذا يعني اذا ظهرت هذه السلالة المزعومة ستملك على اسرائيل بالتالي تسود العالم كله هذا ما توقع اليهود ولا زال من مسيحهم المنتظر لذلك رفضوا رسالة يسوع الناصري لأنها تتناقض مع تصوراتهم عنه فهم يريدون مسيحا على مقاسهم رجل سياسي وقائد عسكري يحقق احلامهم الدنيوية في طرد الرومان والآن يعتبرون شرط مجئ المسيح هو وجودهم في فلسطين لذلك برروا أغتصابهم لها وتشريد شعبها كحق لاهوتي وتاريخي أنها فكرة صهيونية مرفوضة مسيحيا وعربيا واسلاميا وانسانيا ويسوع في كل الاناجيل يقول "مملكتي ليست من هذا العالم"يو36:18.

4_لم يذكرفي اي مكان من الاناجيل ان يسوع كان متزوجا  أنه تلفيق لان رسالة يسوع أسمى من ذلك فاذا كان الرهبان والأساقفة يحرمون أنفسهم من الزواج من اجل خدمة محدودة فكم بالحري رسالة المسيح الخلاصية لكل البشر. فلو لم يكن قدوة لهم لما ساروا على هذا النهج .كثيرة الشواهد في الانجيل تدل على أنه غير متزوج مثلا عند الصلب سلم أمه لتلميذه الحبيب السؤال الذي يطرح نفسه اذا كان متزوجا أليس من المنطقي تكون حاضرة مع زوجها في هذه المأساة اوليس بالحري تسلم أمه لها وليس الى شخص اخر. وايضا عندما قال احد ان امك و اخوانك واقفين خارجا طالبين ان يكلموك مت:47:12 ومع ذك لم يذكروا زوجته وغيرها كثير لا مجال لذكرها.

5_ان طقوس الهيروس كاموس او البغاء المقدس حيث يكون مقياس الكمال الروحي الاتحاد الجسدي بالانثى كان موجودا في المعابد ولم يكن انحرافا جنسيا بل شعيرة مقدسة الى ابعد الحدود وان هذه الممارسة كانت جزءا من المسيحية الحقيقية.

ان شغف براون بعقيدة الانثى المقدسة عمت بصيرته فهو لم يكلف نفسه لقراءة الكتاب المقدس الذي لعن الزنا من سفر التكوين الى سفر الرؤيا  والمسيحية تحرم  اي  ممارسة جنسية خارج الزواج وان هذا الفعل مدان مرارا وتكرارا انه كان موجود في الثقافات الوثنية .

6_يزعم ان يسوع عين مريم المجدلية خلفا له بصفة رأس الكنيسة الا ان مجمع نيقية 325 سلب منها هذا الحق واعطاه لبطرس لأنها كنيسة ذكورية لا مساواة فيها بين الجنسين.

انها كذبة اخرى لقد رفعت الكنيسة خاصة الكاثوليكية مريم الى مرتبة سامية فوق اي مكانة يحلم بها براون لمريم المجدلية.

7_رسم ليوناردو دافنشي ليشير الى الأله المصري آمون والآلهة ايزيس   وهذا التقابل مجرد كلام وادعاء غير علمي غير موجود الا في خياله المهووس بتشويه الحقائق وتزييف الوقائع ليؤكد صحة نظريته ان اسم موناليزا لم يكن من اختيار دافنشي بل اطلق عليها في القرن التاسع عشر اي بعد ليوناردو 1452 _1519 بثلاثة قرون ان رسم موناليزا مكون من مقطعين"مونا"وهو اختصار كلمة مادونا اي سيدة و"ليزا" وهو اسم معظم الموضوعات المثيلة التي كانت ترسم.

ويزعم ان الشخص الجالس عن يمينه هو مريم المجدلية لانه انثوي المظهر ثيابه ناعمه ووجهه الاملس يشكل معه في وضعية رقم سبعة الذي يرمز الى الانوثة.

لكن الاشخاص في صورة العشاء الاخير هم يسوع والرسل ولا يوجد امرأة بينهم ولو كانت اي امراة هناك فهذا يعني احد الرسل غير موجود ولو كان صحيحا فلماذا بالذات مريم المجدلية لما لا تكن أم يسوع او اي أمراة اخرى. وان ملامحه الانثوية ليس دليل كافي لأن هناك رجال اخرين في الصورة لهم نفس المواصفات فلما العجب وان المشهد يصور رد فعل الرسل عندما كشف لهم يسوع عن التلميذ الخائن وان بطرس يحاول ان يومئ الى يوحنا طالبا منه ان يسأل يسوع عن الذي سيخونه وليس استياء منه  من مريم المجدلية كما صور براون.

الجهل المقدس:  

ان براون خلط في روايته الخيال بالواقع العقيدة بالأسطورة والكذب بالحقيقة ان كان لا  يدري فتلك مصيبة وان كان يدري فالمصيبة اكبر كما يقال وفي كل هذا ليس له دليل علمي تاريخي وديني على افكاره. سنحاول تفنيدها على عكس ما ادعى من خلال الكتابات المسيحية المبكرة والاناجيل الغنوصية التي يعتمد عليها والتي شهدت بألوهية المسيح.

ا-ديداكي:"او تعليم الرسل الاثنى عشر"كتب حالي سنة100 م جاء فيه ان المسيح هو ابن الله وهو الرب كانوا يعمدون المؤمنين الجدد على اسم الثالوث الاقدس "باسم الثالوث الاب والابن والروح القدس بماء جار"1:7 كما قال الرب يسوع عمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس مت12:28.

ب-رسالة برنابا: من90 _100 تقريبا جاء فيه اذا كان ابن الله قد أتى بالجسد فلأنه اراد ان يضع حد للخطيئة اولئك الذين اضطهدوا انبيائه"11و14 .

ج-القديس اكليميندس الروماني:من 30 _110 هذا القديس عاش مع الرسل الطوباويين كمعلم عن لاهوت المسيح ...ان المسيح أخفى عظمته الالهية وجاء متضعا"ان صولجان جلال الله الرب يسوع المسيح لم يأت متسربلا بجلال عظمته كما كان في استطاعته بل  جاء متواضعا كما تنبأ عنه الروح القدس"ف16 واشارالى الثالوث الاقدس قائلا "لنا أله واحد ومسيح واحد وروح نعمة واحد سكب علينا"ف46.

د-كتب بليني في رسالة للامبراطور تراجان "ان المسيحيين يعبدون المسيح كالله وابن الله"وايضا عادة يجتمع قبل الفجر في يوم محدد لأكرام المسيح الههم بالترانيم"هذا غيض من فيض من كتابات الاباء الاوائل الذين اعترفوا بألوهية المسيح.

واليكم بعض الاناجيل الغنوصية والتي يتجاهلونها  تشهد على ألوهية المسيح وكما يقال شهد شاهد من اهلها والتي تعتبر قاعدة ايمانهم.

1_انجيل المصريين اليوناني: من القرن الثاني جاء فيه "ليس كل من يقول لي يارب يارب يخلص بل  الذي يفعل البر".

2_انجيل المصريين القبطي:اكتشف في نجع حمادي جاء فيه"يسوع المسيح ابن الله".

3_انجيل بطرس:من القرن الثاني وقد وجددت نسخته في اخميم في شتاء 1886 -1887 "فلنسرق الان ابن الله فقد اعطينا سلطانا عليه فلنكر ابن الله هذه الكرامة".

4_انجيل الحقيقة:من القرن الثاني في نجع حمادي سنة 1945 ...الواحد الذي في فكر الاب وعقله الذي هو الواحد المخاطب بالمخلص الذي قام به الفداء اولئك الذين كانوا يجهلون الاب".

وهكذا في حكمة يسوع المسيح التي ترجع اقدم مخطوطة الى القرن الثالث وبداية الرابع وحوار المخلص وجدت هذه الوثيقةفي اللغة القبطية الصعيدية فقط في مكتبة نجع حمادي 1945 وانجيل فيليب من القرن الثاني وبه قول منسوب الى الرب يسوع "الهي الهي لماذا تركتني" وانجيل توما وانجيل مريم المجدلية وغيرهم

ان هذه الضجة المفتعلة ليست اكثر من سابقتها "انجيل برنابا"مجرد صيحة في الوادي وفقاعة في الهواء ليس لها غير قيمة دعائية لا علمية وان الملحدين واللاادريين فقط يرقصون على انغامها مع المسلمين لانها تقدم المسيح حسب تصوراتهم لا اكثر ولا اقل.

اما بخصوص براون فليست هذه الرواية المبنية على الخرافات والاساطير والتخمينات التي لا برهان علمي عليها اكثر من زيادة رصيده في بنك الشهرة فهو يذكرني بقصة سمعناها في الطفولة .وهي كان يوجد شاب فاشل اجتماعيا وتافه وكان يحلم بالشهرة لكن لا يعرف كيف يحققها فليس له مؤهلات وامكانات لذلك وفي يوم من الايام خطرت بباله فكرة جهنمية بالنسبة له كان حاضرا في ديوان "آغا" مع وجهاء القوم فقام وتطاول على الاغا بالسب والشتم وسط دهشة واستغراب الحضور هكذا تم نقل ما حدث الى الجميع قائلين فلان ابن فلان قام بالفعل الفلاني واصبح ذائع الصيت.

Emmanuell-alrikani.blogspot.com

                                                                                                            أهم مرجع:

كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح ردا على كتاب شفرة دافنشي

القمص عبد المسيح البسيط ابو الخير

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق