هل الزواج مقبرة الحب أم الملاك الحارس له
بقلم
عمانوئيل يونان الريكاني
كثيرا ما نسمع من الناس من كلا الجنسين ومن
مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية إن كان نتيجة التجربة الشخصية أو الرأي العام إن
هناك تناقض بين الحب والزواج فالحب تنتهي حدوده حيث يبدأ الزواج وهو أي الزواج الإسفين
الذي يدق في نعش الحب فهما عالمان مختلفان وخطان متوازيان لا يلتقيان أبدا . فكم
من أزواج لهم حنين شديد وشوق قوي إلى اللقاء الأول بينهما وفترة التعارف أو
الخطوبة التي تعتبر اسعد أيام الحياة وأجمل لحظات العمر حيث حلاوة العاطفة وصدق
المشاعر وعمق الأحاسيس وطوفان اللهفة بأعلى مستوياتها والانفلات من الواقع الثقيل
والتحلق في فضاء الأحلام السعيدة حيث القلب الذي يأبى أن يكف عن نبض الحب والعشق
والغزل والشفاه التي لاتكل من إفراز الكلمات المعزولة والأشعار الغزلية والعيون
التي لا ترف لها أجفان خوفا من لحظة لا ترى فيها الحبيب . لكن أين هذا كله عند
دخول القفص الزوجي تتغير العلاقة 180درجة ويصبح الزوجان كأنهما شخصان مختلفان لا يعرف
احدهما الأخر وتختفي الكلمات المعسولة وتتبخر النظرات اللطيفة وتموت الابتسامة
الجميلة ويطردا خارج الجنة التي كانا فيها قبل الزواج كما كان الحال مع أبوينا ادم
وحواء قبل وبعد الاختبار . لقد تحولت هذه العلاقة الحية والفريدة من نوعها لدى
المحبين والعشاق بعد الزواج إلى مجرد ديكور اجتماعي من طرف بالروتين والرتابة خال
من الروح والحياة ومن ثم تجميد رصيد الأحاسيس والمشاعر في بنك كان يا ما كان . هذا
ما نراه في الظاهر لكن هل حقا الزواج هو الخطيئة الأصلية للحب ؟
لقد حاول الغرب المتحرر حل هذه المعضلة
الشائكة من واقع حضارته القائمة على أساس احترام الحرية الفردية والكرامة الإنسانية
في النظر إلى الأمور وذلك بالتحرر من المؤسسة الدينية والتركيز على البعد الشخصي
فقط ولان الزواج أصبح له سمعة سيئة في اللاوعي الجماعي أشبه ما يكون بسجن
غوانتنامو . في هذه النظرة تكون للحب فقط الأولوية في إقامة صرح العلاقة فيتخذ
التوافق القلبي بين الطرفين وليس خطي وارتباط حر قلبا وقالبا دون شروط إلى اجل غير
مسمى بعيدا عن سجن الزواج وشبح السيطرة والتسلط والإذلال والجفاف العاطفي . أما في
الشرق مثلا قيمة لمشاعر الإنسان وأحاسيسه فالأولوية تشكل المؤسسة وقوانينها لا
مضمونها وروحها لذلك فالحب لا قيمة له
طبعا هناك استثناءات في كلتا
الحضارتين . الموقفان متطرفان يحتاجان إلى إعادة نظر لان الاتجاه الأول يقيم بناءه
على رمال متحركة فالعلاقة مهما كان فيها الحب قويا لكن بدون هدف فهو معرض للتيه
والضياع في دهاليز المزاجية والعاطفية والرابط الذي لا هوية له ولا
اسم كالفقاعة سريعة الزوال الزواج وحده يسير بالحب نحو كماله فهو كالشراع للسفينة
ويحميه من الشطحات الأنانية كما يحمي الترس حياة السلحفاة . والاتجاه الثاني فباسم
تقديس المؤسسة وقوانينها يدنس أقدس ما في الفرد انه ينتزع القلب منه ويقول هذا هو الإنسان
. أما الرأي الثالث فهو الأصح والأكمل فهو يربط بين الحب والزواج في وحدة لا تنفصم
عراها لأنه لا يوجد تناقض بينهما بل تكامل . أما أن يكون الزواج مقبرة الحب فهذا
محال وليس من طبيعتهما لان يتوقف على كل واحد منا بما إن عضو الجسد الذي لا يستعمل
يضمر ويموت هكذا الحب الذي لا يعبر عن نفسه بشتى الطرق بعد الزواج تحت طائلة
المسؤوليات وضغوط الحياة يمكن أن يموت فالخلل هو دوما فينا لأننا اثر الأحيان لا
نستطيع خلق الانسجام بين المسؤولية والمشاعر والأحاسيس .
أيها الأزواج لنتعلم من جهاز الموبايل الذي
يحمله كل واحد منا فنحن نحمل معه شاحنة خاصة لشحن البطارية عندما تهبط لئلا تنطفئ
ويتوقف عن العمل هكذا علينا شحن بطارية القلب دوما بالحب عندما تهبط لكي تسير
العلاقة الزوجية على أحسن وجه وتعطي أجمل الثمار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق