الاثنين، 22 أبريل 2013

ليس بالشعارات وحدها يحيا الانسان


ليس بالشعارات وحدها يحيا الإنسان

 

 

                                                                                     بقلم

 

                                                                           عمانوئيل يونان الريكاني

 

إن صرخة الكاتب العالمي المعروف اندريه مالرو "الحزب وضع من اجل الشعب وليس الشعب من اجل الحزب "هي جينات كل الأحزاب وكر وموسومات أيديولوجيتها والهدف المقدس الذي من اجله وجدت اقلها من الوجهة الدعائية .

إن ظهور الأحزاب على مسرح التاريخ السياسي يعتبر ظاهرة حضارية ومن الانجازات العظيمة التي قدمها الفكر البشري في مجال الفلسفة السياسية فهي تعكس رغبة عميقة وإرادة متأصلة في الإنسان" فردا وجماعة " في المساهمة التامة والمسؤولية الكاملة لتوجيه دفة الحياة وتحمل عبا المصير بعيدا عن أي ضغوطات لا تتناسب مع كرامته الإنسانية ومتحديا سياسة التهميش والترقيم التي تدنس أقدس مافيه وهي الحرية .

فالإنسان كائن ينشد المعاني السامية والقيم العليا لأنها من صميم طبيعته بدونها يتحول المجتمع البشري إلى غابة القوي فيها يأكل الضعيف والكبير يلتهم الصغير .إن دور الأحزاب هي تجسيد لهذه القيم الأصيلة فيه بعيدا عن المثالية الزائفة والطوباوية التافهة ومتحررا من النزعات النفعية والانتهازية والتسلطية التي فيها يتحول الحزب إلى اله معبود تقدم له الطاعة العمياء ،كما هو الحال في واقع مجتمعاتنا المتخلفة ذات الأنظمة الديكتاتورية .وان تكون لها فلسفة سليمة ورؤية واقعية وموضوعية تأخذ بالحسبان جميع أبعاد حياة الإنسان النفسية والاجتماعية والروحية والمادية .وكلما كانت صادقة في كلامها وفية لوعودها تمسك بها الناس ومنحوها قروض التأييد الطويلة الأمد.

في عراقنا الجريح الشاذ عن القاعدة خاصة في المجال السياسي حيث تعاني عقول أصحاب القرار في الحكومة ورؤساء الأحزاب والكتل السياسية من "شيزوفرينيا"في الفكر والقول والفعل وأصبحوا تجار الشعارات المزيفة ،فالمعنى غير المبنى والظاهر عكس الباطن وكلام الليل يمحوه النهار .ففي قاموسهم الديمقراطية تعني الاستبداد والصدق اخو الكذب بالرضاعة والعدل والظلم عشاق التاريخ وهلموا جرا،فمبدأهم هو لا يصح إلا الخطأ وارتشفوا حتى الثمالة من المثل الألماني العسكري "اكذبوا اكذبوا حتى تصدقوا أنفسكم "أنهم سفسطائيون جدد يمتلكون مقدرة هائلة في التلاعب بالألفاظ ولهم أصابع موزارت وأنامل بتهوفن في العزف على أوتار عواطف الناس وإخراج سيمفونية رائعة عنوانها "الضحك على الذقون "

هذه هي ثقافة الشعارات البراقة التي شربناها مع حليب الأم ومن حلاوة العبارات الرنانة ارتفع السكر في دمائنا ومن كثرة اللافتات والصور أصيبت عيوننا بقصر النظر .ومن فرط تداولها وتناولها تعاني عقولنا ونفوسنا من مرض السمنة .لكن السؤال الذي يفرض نفسه علينا هو ماذا جنينا من هذه الأحزاب وما الذي قدمته لنا غير كلام منمق ووعود فارغة تحمل فيروس الغش والخداع والكذب الذي هو سبب ماسينا وآلامنا وعذاباتنا .

إن لغة الشعارات وسيلة أكثر الأحزاب القومية والدينية ....الخ للسخرية من عقول العامة ومن ثم السيطرة عليهم ،فهي من طبيعة عصابية مرضية تمجد الماضي وتعيش فيه حسب قيمه ومفاهيمه وتتجاهل الحاضر وتهرب منه أو ذات رؤية خيالية تبني في الهواء مدينتها الفاضلة .والشعب مسكين يتأرجح بين مطرقتها وسندانها دون أن تقدم له أي حلول عملية لمشاكله فقط مخدرات ومسكنات وأفيون .الشعارات ضرورية لكن وحدها لا تكفي لأنه لا يمكن أن يتفاعل الإنسان مع أي عقيدة أو مبدأ اوفكرة مهما كانت قوتها وقدسيتها إن كان يعاني من شظف العيش وفوبيا دفع الإيجار والخوف المزمن على حياته المهددة ،لان ازدهار شروط الحياة المادية هي الهواء النقي الذي به تنتعش القيم الروحية والإنسانية .

فالشعارات مثل قطعة الذهب المعدنية تفقد جمالها ورونقها وتأثيرها إن طمست في الوحل ،فيجب أولا تحرير الإنسان كليا روحا وجسدا قلبا وقالبا وذلك من خلال إشباع حاجاته جميعها من الآمان والتقدير الاجتماعي والرفاهية الاقتصادية والقضاء على الفقر المادي سرطان المشاكل والتي تعتبر المشيمة التي تمد بأسباب الحياة جنين الأفكار العظيمة والقيم النبيلة والذي يستطيع أن يهضمها الإنسان دون ترياقها .وقد قال احدهم بحق "أعطني خبزا وبعد ذلك كلمني عن الحرية "فالخبز والحرية هما معا من أسماء الذات الإنسانية الحسنى وعلى مذبحها قدم ويقدم الإنسان نفسه ذبيحة .بالله عليكم كفانا شعارات صدعت رؤوسنا وخدشت طبلة آذاننا  أعيدوا ألينا البسمة التي حرمتمونا منها ومن فراقها نساها حتى الوجه .

 

Emmanuell_y_alrikani_2009@.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق