الاثنين، 22 أبريل 2013

الزواج عهد وليس لعبة نرد


الزواج عهد وليس لعبة نرد

بقلم

                                                                                 

عمانوئيل يونان

الريكاني

الزواج ضرورة اجتماعية وحاجة بيولوجية للحفاظ على النوع البشري من الفناء من خلال الوصال الجنسي الوسيلة الطبيعية للتناسل وهو أيضا عهد ابدي بين طرفين "رجل وامرأة "مبني على الحب والتفاهم والانسجام وناتج عن قرار واع وإرادة حرة دون أي ضغوطات نفسية واجتماعية تعكر صفاء هذه العلاقة الحميمة وتحد من نموها الطبيعي.أنها مغامرة حياتية مدعو أليها الإنسان للتسلق جسدا ونفسا وروحا إلى قمم المجد.إن الله يتجلى بقوة في هذه العلاقة الفريدة لان حياته عطاء ومشاركة بين الاقانيم الثلاثة وهي رمز ونموذج وإطار علاقتنا البشرية .لقد قيل إن رجل + امرأة = الله بدون أن يعني هذا أي عملية حسابية وحاصل جمع أرقام ولا هي معادلة كيميائية نتيجة مزج عنصرين لتكوين عنصر ثالث ،لكنها حقيقة إنسانية إلهية لان الله نبع كل حب ومشتهى كل قلب ونحن شركاء حياته بالنعمة لا بالطبيعة .

في ظل الهزات النفسية والاجتماعية والخضات الخلقية والإنسانية الذي يتعرض لها قطرنا الغالي ومن خلال تفكك البنى التحتية وانهيار البنى الفوقية نتيجة الظروف الصعبة المفروضة عليه اجتاح إعصار تسونامي ليدمر قيمنا الزوجية المقدسة ويجرف معه الثوابت الحضارية في العلاقة بين الرجل والمرأة التي حققتها الإنسانية من خلال مسيرتها التاريخية ألا وهو "زواج الخارج" وهي تسمية متداولة بين الناس ذو دلالة جغرافية وثقافية تعني اقتران شاب "شابة " من داخل البلد من آخر موجود خارج البلد .لقد أصبح تقليعة معاصرة وموضة حضارية استهوى عقول الشبيبة .إن سلبيات هذا الارتباط ظاهرة للعيان لا تحتاج إلى جهد فكري لدحضها ،فهو يفتقر إلى الشروط الصحية لسلامته وهي معرفة الآخر بشكل جيد واختياره لشخصه هذه الأسس غير متوفرة في هذا النوع من الزواج لان الوصولية والأنانية والنفعية مهيمنة عليه ولا قيمة للأحاسيس والمشاعر والعواطف فالآخر وسيلة لتحقيق مصلحتي الذاتية وجسر للعبور إلى أهدافي الخاصة .نظرة سريعة إلى واقع حيلتنا يؤكد صدق مانقول .لقد أصبحت فكرة السفر هاجس سيطرت على عقول كثير من الناس وبما أنهم من الطبقة الفقيرة التي تعجز إمكاناتهم المادية تحقيق أحلامهم وتطلعاتهم بسبب نفقات السفر الباهظة الثمن لذلك لجأت اغلب العوائل إلى استخدام ورقتهم الرابحة وهي تزويج بناتهم من الخارج خاصة إذا كانت على درجة عالية من الجمال .عكس الشاب الذي هنا فهو يبحث عن فتاة الأحلام في المهجر كسفينة نجاة من بؤسه وعجزه وشقاءه .بما إن الدعاية هي سمة العصر حيث يتم ترويج أي بضاعة كالصابون أو الشامبو ...الخ عن طريق لصق عليها جسد امرأة عاري الذي يخاطب الغريزة الجنسية التي بدورها تعطل العقل عن الحكم الصحيح .للأسف الشديد لم تسلم أقدس علاقة في حياتنا وهي الزواج من تأثير هذه الذهنية .اذهب إلى أي قاعة أعراس سترى جمهور المستعرضات أمام الكاميرا كأنه عرض أزياء حيث الشخصية الحقيقية تتوارى خلف الجسد الذي يتكلم أفصح لسان وهي الإثارة والجذب الجنسي وإبراز المفاتن التي تستفز الشهوة .ومن نافل القول كلما ارتفعت درجة حرارة التركيز على المظاهر والشكليات انخفض زئبق الشخصية .وإلا ماذا يعني الاختيار عن طريق رؤية صورة فوتوغرافية للحبيب أو الحبيبة أو عن طريق المراسلة بالانترنيت حيث يتم تلوين الأنا بألوان زاهية لأنها مناسبة تنتعش فيها الميول النرجسية حيث الإعجاب بالذات يكون في أوجه لكن شتان بين الحقيقة والواقع .لا ادري على ماذا يستند ماذا الاختيار هل جمال الجسد يعكس بالضرورة الجمال الداخلي ؟فالصورة لا تعطينا معلومات عن الطباع والمزاج ومستوى الوعي وان تقاسيم الوجه لا ترسم خطوط الشخصية واتجاه الحياة  فليس كل ما يلمع ذهبا .ألا ينتاب الطرفين إحساس مقلق قد يكون مدمر أحيانا بأنه ليس مختار لأجل ذاته أنها مجرد صفقة تجارية .وهناك خرافات سائدة بان الزواج قسمة ونصيب  وان الحب يأتي بعده هؤلاء يضعون العربة قبل الفرس لان فقدان أجهزة التحكم العقلية في المصير والمستقبل وتسليمها إلى قوة غاشمة مثل الذي يتصور إن الحياة هي كازينو لألعاب الحظ أما تصيب أو تخيب أنها لعمري ليس أكثر من الرهان على الحصان الخاسر .ستواجهنا مشكلة أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها وهي الصدمة التي يتعرض لها المغترب نتيجة اختلاف الثقافات وتأثيرها السلبي على وعيه وقيمه وسلوكه.كما هو معروف إن الحرية هي بسملة الحياة في الحضارة الغربية وان السلوكيات التي تفرزها تعتبر مألوفة فيها لكنها قد تعني انحرافا أخلاقيا لدينا مثل الشذوذ الجنسي واللواط والإباحية والعشيق والعشيقة ....الخ وأسلوب حياة يختلف كليا عما عشناه في مجتمعنا بالإضافة إلى الاختلاف في الطباع والأمزجة والعادات الفكرية .وكثير من الفتيات وقعن ضحية نتيجة الجهل والتسرع في اتخاذ القرار، ففوجئوا بان شريك الحياة أما متزوج سرا أو مطلق أو له عشيقة مما أدى إلى مشاكل انتهت بتدمير الأسرة وتشريد الأبناء .لو انه يحمل نظرة إلى المرأة شرقية في بيئة غربية فالمرأة لديه حل لعقده النفسية وان العنف تجاهها الجسدي واللفظي حق مشروع له وهو عنوان رجولته ،هل ياترى سيتأقلم معها في ظل حضارة تحمي جسد المرأة وتصون حريتها من أي اعتداء وتعيش حياتها كما تشاء .هذا لا يعني إن الغرب بعبع مرعب لا يمكن العيش فيه بل أنها دعوة لنا جميعا لمراجعة الذات وهضم جيدا الحكمة الغربية الخالدة "اعرف نفسك" ،أنها تساؤلات من حقنا أن نطرحها على الشبيبة لتفادي المفاجآت التي لا تحمد عقباها ، ونحن لا نقصد أن هذا الزواج فاشل حتميا لقد ولى عصر الحتميات لكنه يبقى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار ولا نريد التعميم لأنه لغة الحمقى بل يتطلب منا قبل الإقدام على هذا المشروع الحياتي الكبير الاسترشاد بالإشارات الضوئية "العقل والقلب والجسد "لسلامة مشروعنا من الفشل.

Emmanuell_y_alrikani_2009@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق