الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

الاسلام السياسي والديمقراطية شيك بدون رصيد


الإسلام السياسي والديمقراطية شيك بدون رصيد



                                                                        بقلم عمانوئيل يونان الريكاني

الإسلام السياسي أو الاسلاموية مصطلح سياسي إعلامي أكاديمي له موجة طويلة ونفوذ قوي في نفوس وعقول العامة والخاصة من الناس،لان ضجيجه ملا المعمورة كلها وصداه وصل إلى ابعد نقطة في الأرض .استخدم لوصف حركة تؤمن إن الإسلام نظام شامل للحياة بالتالي يصلح أن يكون نظاما سياسيا للحكم .وهو أيضا حركة لا تاريخية تنطلق من النص المقدس والثبات وذو منطق مقلوب وفكر ماضوي يتجاهل الحاضر والمستقبل وكل الانجازات البشرية ويعيش في عالم آخر لا زمني من صنع الأوهام .انه يفرض أفكاره ومفاهيمه وقيمه التي عفا عليها الزمان وقدمت أوراق اعتمادها إلى سفارة التاريخ ولا تصلح للعصر على الواقع وجزئياته وتتعامل معه كالشخص الطويل القامة الذي يجب أن يقطع ساقيه ليتناسب مع قياس سريره الصغير .أنهم رومانسيون يحلمون باستعادة المجتمع المكي أيام الرسول (فردوسهم المفقود).لهم نظرة ثنائية ونزعة مانوية إلى الوجود التي تضع حدودا لتفصل بين الذات والموضوع ،فهم جند الله والآخرين عبدة الشيطان وهم أهل الحق والغير أتباع الباطل .إن هذا التصنيف كان له انعكاسات اجتماعية سلبية وخطيرة حتى بين أتباع دينهم ويعرض الأقليات الدينية الأخرى إلى خطر الاضطهاد من الأغلبية الإسلامية كما في مصر والسودان وإيران ولبنان والعراق ....ويقول الدكتور نصر حامد أبو زيد إن الخطاب الديني "المعتدل "و"المتطرف"يختلف بالدرجة لا بالنوع فما يضمره المعتدل يظهره المتطرف.إن التخلف الفكري والثقافي والعلمي التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية يعزوها الاسلامويين كالعادة إلى غير أسبابها الحقيقية عوض أن يبحثوا عن أسباب الانحطاط والانهزام الحضاري بجدية وموضوعية للخروج من الأزمات التي تعصف بهم نراهم يستعملون لغتهم المقدسة وهي شتم ورجم ولعن الغرب الذي يحملونه المسؤولية الكاملة في ذلك ليغطوا على ضعفهم وقصورهم البشري .إنهم يعانون من مشاعر النقص وعقدة الأمة المختارة لذلك لا يستطيعوا أن يستوعبوا تفوق الغرب في كل شيء حتى قال جمال الدين الأفغاني مقولته الشهيرة "هنا مسلمين بلا إسلام وهناك إسلام بلا مسلمين ".وللتخلص من هذا الإحباط والشعور المؤلم لجئوا إلى خداع النفس وإيهام الآخرين كما هي أساليبهم ،وإقناعهم بان أي نظرية فلسفية كانت أو سياسية أو علمية أو فلكية أو بيولوجية تأتي من الغرب لها أساس في القران وقد سبقهم إلى ذلك أنهم بارعين في لوي أعناق النصوص وتحميلها مالا تتحمل ضاربين عرض الحائط أسباب النزول والتفاسير المعترف بها ويستخدمون في هذا التشابه اللفظي لتمريرها على البسطاء والسذج من الناس وعلى سبيل المثال لا الحصر بعض المفردات الموجودة في القران مثل "قذائف الحق "تعني عند بعضهم صواريخ ارض ارض "ومثقال ذرة " تعني الذرة بالمفهوم الفيزيائي وهلموا جرا.إن الفكر لديهم خادم الرغبات .مابالك أن أحداث سبتمبر وبرج التجارة العالمي تم ذكرها في احد سور القران من خلال ترتيب الحروف ولعبة الأرقام .هكذا كان موقفهم من الديمقراطية في البدء رفضوها لأنها بضاعة مستوردة وبعد أن أصبحت مشتها الشعوب نسبوها أليهم أي بضاعتهم وقد ردت إليهم وان الآية القرآنية "وأمرهم شورى بينهم "تعني ذلك. إن هذا خلط تعسفي لان المنطلقات الفكرية والآليات مختلفة وان أطروحات الإسلام السياسي التي سنوردها أدناه لا يمكن أن تتفق مع روح الديمقراطية :1_أسبقية النقل على العقل 2 الإسلام دين ودولة 3لا يمكن الإنسان أن يتدبر دنياه دون توجيه الهي 4لا اجتهاد في النص .الديمقراطية مصطلح غربي يوناني تعني حكم الشعب وسيادة الشعب وان القيادة جماعية والأمة هي مصدر السلطات ومن خلال طقس حضاري وهو الاقتراع السري ينتخب الشعب من يمثله في الحكم ،هذا المفهوم ذو اتجاه علماني لا وجود له في الإسلام .إن العقل قوة فكرية متحررة لا يمكن سجنه داخل أي مرجعية أخرى غير ذاته مثل نص أو شخص .وان الإنسان بعقله الجبار الذي وصل إلى القمر واخترع الكومبيوتر والروبوت والقلب الاصطناعي يستطيع أن يتدبر أمره دون الحاجة إلى وصايا من اله لقد ولى زمن الطفولة .لقد قامت الديمقراطية على مبادئ الحرية ـالمساواةـاعلاء الفردية إرادة عامة ـفصل السلطات ـحرية الفكر ـحرية التعبير ....أما السلطة في الإسلام السياسي تأتي من الله مباشرة ـ لا حكم إلا من عند الله ـ وان النص والحاكمية حجر الأساس في بناؤه الفكري وعلى اثر نظرية الحاكمية الذي نادى بها سيد قطب احد أقطاب حركة الإخوان المسلمين نقلا عن المفكر الإسلامي الباكستاني أبو الأعلى المودودي يتم تكفير الحكام والأنظمة ورميهم بالجاهلية (جاهلية القرن العشرين )تعبيره المشهور الذي اقتبسه من المفكر والفقيه الهندي أبا الحسن الندوي وان المجتمع الإسلامي هو الوحيد المتحضر .ورفض الدستور المصري وقال لا دستور إلا القران كما رفض النظام البرلماني وكذلك الحزبية رفضا قاطعا .إن جمعية الأخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا في عشرينيات القرن الماضي والتي كانت في البدء ذات نشاط اجتماعي قبل أن تتحول إلى حزب سياسي يمكن اعتبارها الشجرة الأم الوارفة الظلال التي تستفئ تحتها الحركات الإسلامية لأنها جميعها تشترك في أرضية فكرية واحدة وهي اعتبار ذاتها الفرقة الناجية والصفوة المختارة التي تنقذ البشرية من الظلال .لكن التاريخ فضح كذبهم وادعاءاتهم وسقطت أقنعتهم المزيفة وبان وجههم الحقيقي وان هدفهم كان استخدام الدين مطية للوصول إلى "إسلام الكراسي " أنهم ميكيافيليوا العصر الغاية عندهم تبرر الوسيلة ومن اجل المناصب يقتلون ويذبحون ويدمرون أنهم يحرقون الغابة للحصول على الثعلب .إن الشريعة حسب مفهوم الإسلام السياسي هي مجموعة قوانين استبدادية محصورة في رجم الزناة وقطع الأطراف والسجن والموت للمرتد عن الدين وفرض الجزية على أهل الذمة وهم صاغرون وفرض الحجاب وإطلاق اللحى .من قال إن الإسلام السياسي والديمقراطية يمكن أن يلتقيا فهو من قبيل الدعاية والإعلان ففصيلة دمهما لا يمكن أن تتطابقا وكل محاولة للتوفيق بينهما يائسة لا يكتب لها النجاح إن لم تكون من قبيل تربيع الدائرة .

Emmanuell_y_alrikani_2009@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق