الجمعة، 16 ديسمبر 2011

الخطايا العشرة للدولة الدينية

الخطايا العشرة للدولة الدينية
                                                                                                         بقلم
                                                                                        عمانوئيل يونان الريكاني/ العراق

الحضارات القديمة كانت تقوم على أساس ديني لا قومي ومنذ أكثر من قرنين وفي الغرب الأوربي لفظت الدولة الدينية أنفاسها الأخيرة بعد صراع مرير مع مرض الاستبداد  العضال وقدمت أوراق اعتمادها بعد عصور طويلة من الظلم والمساوئ التي ألحقت بالمجتمعات. وتم تشييعها إلى مثواها الأخير ودفنها في مقبرة ذاكرة التاريخ. واستلمت العلمانية أو الدولة المدنية المتحررة من سلطة الدين شعلة القيادة فاتحة أفق جديد أمام الإنسانية وحاملة جروح وآلام البشرية نحو غد أفضل كفيل بتضميدها وشفاءها. واقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حققت السلم الاجتماعي وقضت على الطائفية وكل شكل من أشكال العنصرية المقيتة. في مجتمعاتنا الشرق أوسطية تعاني من عسر هضم هذا المفهوم وخلل في التفاعل معه لأسباب دينية وثقافية ونفسية واجتماعية ولأن تراثها لم يتعمذ بماء الحداثة وما بعد الحداثة او لأن العلمانية لم تصل ألينا بشكلها النقي او تم تشويهه عمدا من قبل البعض أو جهلا من قبل البعض الآخر. لذلك انتصارات العلمانية كانت نسبية ومحدودة تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين إلى الوراء لأن الجو هنا غائم تماما. وفي ظل ما يسمى الربيع العربي تم تقيؤ القوى  الليبرالية وصعود القوى الرجعية المتمثلة بالإسلاميين إلى سدة الحكم بعد إحرازها نجاحا في الانتخابات التي خاضتها في تونس والمغرب والباب مفتوح على مصراعيه في مصر. مما أوجد مخاوف لدى الأقليات والنخب المثقفة والناس المعتدلة والغرب عموما من عودة الدولة الدينية التي تحمل فيروس الخطايا العشرة المميتة  التي تقف عائقا إمام اي نهضة اجتماعية وحضارية وإليك الأسباب :-
١_ إن الدولة الدينية تمزج الدين بالسياسة هذا بحد ذاته معضلة لان جبنات كل منهما مختلفة عن الآخر واي تزاوج بينهما يعني ولادة كائن "دستور " منغولي قاصر العقل ومشوه الجسم.
٢_ إن اطلاق اسم دين على دولة كلام فارغ لا معنى له كأنك تقول هذا الحجر متدين لأن الدين مسألة شخصية والدولة ليست شخص وإلا كانت تصلي وتصوم وتحج وتدفع الزكاة وتجاهد.
٣_ تقزيم دور العقل كعنصر للتفكير والأبداع وتحويله الى خادم ذليل للنص الديني فهو مكبل بسلاسل الفقهاء وعلماء الشريعة يجتر أقوال القدماء المتربة ويدور في حلقة مفرغة من القيل والقال لذلك لا جديد تحت شمسهم.
٤_ لا مساواة في الدولة الدينية لا في الحقوق ولا في الواجبات التي هي مطلب إنساني وحضاري فالأقليات ليسوا أكثر من ضيف ثقيل وزبون مزعج والواقع لا يحتاج الى تعليق مهما تحايلوا  عليه او تلاعبوا بالألفاظ.
٥_ الدولة مستبدة بالضرورة فهي تنتهك أقدس ما في الإنسان وهي الحرية والتي هي مبدأ فطري فلا مكان لحرية العقيدة والتفكير والتعبير.
٦_ الحاكم ظل الله على الأرض لذلك لا اعتراض على قراراته فهو مقياس كل شيء الصالح والطالح الحلال والحرام.
٧_ لا حكم إلا لله هذا هو السبف التي تسلطه الدولة الدينية على رقاب العوام فيما تخفي عيوب ومساوئ الحكام الذي يتعارض مع النظام الديمقراطي الذي هو حكم الشعب حيث يختار المواطن ممثله في البرلمان وإن لم يكن بمستوى المسؤولية لن ينتخبه في المرة القادمة.
٨_ أسلمة الحياة هو هدف الدولة الدينية فبصمتها يجب أن تكون على كل كبيرة وصغيرة شاردة وواردة لا ادري كيف ستكون حال الفنون التمثيل والمسرح منابع النضج الفكري والثقافي والخلقي وما مصير السياحة والخمور ووضع المرأة في ظل شيوخ منهمكين في تعليم الناس كيف يدخلون إلى الحمام بالقدم اليسرى ام اليمنى ويشرب بول البعير.  إن الدين جزء من الحياة وليست الحياة جزء من الدين .
٩_ إن الدولة الدينية تنظر إلى الآخرين كهويات دينية صغيرة ولا قيمة للوطن والمواطنة في عرفها لأن الوطن يحد من حدود الأمة الوهمية التي تحلم بها والمواطنة مفهوم معاصر ذو مدلول إنساني كثيف يفترض الحرية والعدالة والمساواة هذا ما لا تستطيع أن تهضمه لان تراثها الديني والثقافي يفتقر إليه ناهيك عن اعتباره بضاعة مستوردة من الغرب الكافر.
١٠_ انعدام الرؤية العصرية لديها فهي تضرب بعرض الحائط كل المكتسبات الحضارية التي تحققت من خلال سياق التاريخ لتفرض نمط حياة شبه الجزيرة العربية بكل مفرداتها على العصر الراهن أنها كالأفلام الخيالية حيث يسافر الأفراد إلى الماضي بعد تركهم الحاضر
٦_١٢_٢٠١١
www.emmanuell-alrikani.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق